لا تظلموا الإخوان ( جزء 1 )

لا تظلموا الإخوان ( 1 )
على مدار عقود غير قليلة تابعت مسار الإخوان المسلمين السياسي فضلا عن مسارهم الدعوي ، وأمعنت النظر في كل ما قدّموا لدينهم وأمتهم ووطنهم ، حتى جاءت هذه الأيام التي هيّأ الله لهم ومكن لهم في الأرض فرأيت نفسي أستعيد تاريخا طويلا من الكفاح الهادئ الملتزم من أجل رفع كلمة الله وحماية حقوق المستضعفين ، وقد يظن القارئ لأول وهلة أن المتحدث أحد أعضاء الجماعة لكن هذا شرف لا أدعيه ، إنما هي نظرة شفافة في هذا التاريخ الحافل ، منصفة لهؤلاء الرجال الذين أخلصوا لله وصبروا وصابروا حتى يومنا هذا .
وبداية أحب أن نتفق على أن المنتمين لهذه الجماعة ليسوا ملائكة ( وهم لم يدّعوا ذلك ) وليسوا معصومين بل هم مجرد مواطنين من بيننا يحملون نفس الصفات ، إلا أن ( أغلبهم ) يتميز عنا بأنهم آلوا على أنفسهم أن يعتصموا بحبل الله وأن يضحوا بنعيم الدنيا حاملين لواء الدعوة إلى الله راجين رحمته .
لقد كافحوا منذ إنشاء الجماعة من أجل عودة المجتمع إلى مظلة الشريعة الإسلامية التي هي ديننا ، في مواجهة حملات الفرنَجَة التي يسمونها الحداثة والتي يدعمها أعداء الإسلام في أقنعة براقة تخفي أهدافها الحقيقية الشريرة ، وتعرضوا لأبشع صنوف التشويه والاعتقال والتعذيب في ظل استعمار ونظم حكم علمانية ودكتاتورية متعاقبة ، وتعرضوا أيضا للتلاعب بهم أحيانا طلبا لنصرتهم ثم التخلي عنهم ، ولم تستطع كل هذه المحاولات أن تنال من موقف الجماعة وظلت صابرة صامدة ، فحافظوا بموقفهم على هوية مصر الإسلامية .
إلى أن جاءت ثورة يناير فتحملوا عبء حمايتها في مرحلتها الأولى بصرف النظر عن التفاصيل الصغيرة التي يحاول البعض أن يحولها – على تفاهتها - إلى قضايا مصيرية ، لا لشئ إلا لحرمان الإخوان من تقدير دورهم ، لعل ذلك يقصيهم عن المشهد السياسي ، وهي نظرة أقل ما يقال فيها أنها قاصرة وحاقدة ، ثم تحمّلوا عبء حماية الثورة من الانهيار في مراحلها التالية وأفشلوا – بتعقل وحكمة - كل محاولات الإثارة المغرضة بعدم مشاركتهم في المليونيات التي لا مبرر لها ، واتهمهم الآخرون بالتخاذل والتواطؤ مع أطراف أخرى وعقد صفقات معهم ، واستمرت الثورة وتمت الانتخابات الديمقراطية لأول مرة في مصر وأظهرت النتائج حجم كل فصيل في المجتمع ، وأظهرت أيضا ثبات عقيدة هذا الشعب على الإسلام رغم كل محاولات الردّة التى خطط لها أعداء الإسلام في الداخل والخارج ، واسمحوا لي أن أدعي أن الفضل في هذا الثبات بعد الله يرجع إلى استمرار الإخوان في حمل لواء الدعوة التي أبقت روح الإيمان حية في نفوسنا رغم كل المحن .
وما زال الإخوان يتعرضون وبشراسة لمحاولات اتهام وتشويه عنيفة ، ومحاولات أكثر شراسة لهدم جدار الثقة بيننا كمواطنين وبين جماعة الإخوان متمثلة في حزب الحرية والعدالة ، ومن بين ذلك اتهامهم بمساندة المجلس العسكري ثم الانقلاب عليه ، أو بمساندة حكومة الدكتور الجنزوري ثم المطالبة بسحب الثقة منها إلى غير ذلك من القضايا ، وهوتعريض لا يمر إلا على البسطاء ، فقد ساند الإخوان الاستقرار في مصر حتى تنتهي مراحل الانتخابات المختلفة وتنتقل السلطة إلى قيادة مدنية تتولى شئون البلاد و تفوت على أصحاب الفوضى الخلاقة فرصة إشاعة الفوضى و تفتيت البلاد ، وقد راعى الإخوان في كل ذلك مصلحة الوطن ، وتحملوا في سبيل ذلك الكثير من محاولات التشكيك والاتهام والتخوين .
لكنهم اليوم أمام موقف مختلف قليلا ، هذا الموقف خلقته القوى الغير إسلامية لمحاولة تفريغ الثورة من مضمونها ومحتواها ، لقد ضغطت هذه القوى بطريقة رفع الصوت وإثارة البلبلة من أجل وضع الدستور بأسرع ما يمكن لا لشئ أيضا إلا لمحاولة المحافظة على مكاسبهم في الأزمنة الغابرة فكبف ذلك ؟
هذا ما سأحاول استقراءه في حديث لاحق تجنبا للإطالة .........

لا تظلموا الإخوان ( جزء 1 ) Giantup_com133313509126

» لا تظلموا الإخوان ( جزء 2 )
» لا تظلموا الإخوان ( جزء 3 )