لا تظلموا الإخوان ( جزء 3 )

لا تظلموا الإخوان ( جزء 3 )

هل كذب الإخوان ؟
في وقت سابق وبعد ثورة يناير قدم الإخوان حزمة تنازلات توافقية انتخابية قدموها طواعية ، وأعلنوا أن ذلك من أجل إتاحة الفرصة لمشاركة أكبر من القوى السياسية المختلفة في مرحلة إعادة البناء الصعبة التي تستلزم تضافر كل الجهود من كل الأطياف ، ومن بين هذه التنازلات :
أنهم تركوا الفرصة متاحة للقوى الأخرى لنيل مقاعد في البرلمان بغرفتيه ، بل وتحالفوا مع بعض الأحزاب الغير إسلامية ، وحددوا نسبة تقريبية للمقاعد التي يرغبون في الحصول عليها مابين 25 و 35 % وخاضوا الانتخابات وحصلوا على 47 % فاتهمهم البعض بالكذب ، ونقدم لهذا البعض هذا التساؤل ليجيب عليه ؟ في عالم السياسة هل يستطيع كائن من كان أن يدخل معركة انتخابية - بعد ثورة على نظام مستبد فاسد أحدثت خلخلة اجتماعية هائلة – هل يستطيع أن يحدد نسبة فوزه بالضبط ؟ بالتأكيد هذا غير ممكن إلا بالتعيين ، أما الانتخابات فقد تتعرض فيها لظروف تخرج عن تقديراتك أحيانا وقد تخسر أو تكسب على غير ما تتوقع.
وقرروا أيضا ألا يقدموا مرشحا للرئاسة هذه المرة لنفس الغرض وهو إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة والتوافق على مصلحة مصر دون التخلي عن ثوابت المنهج الإسلامي ، ولما تم التضييق عليهم كما شرحت في الجزء الثاني لفرض مرشح بعينه لم يجدوا بديلا سوى أن يدفعوا بمرشح منهم على غير رغبتهم ، فاتهمهم البعض بالكذب .
فهل كذبوا فعلا ؟ هل خانوا العهد كما قيل ؟ هل هم منافقون ؟
سننظر إلى الأمر من زوايا متعددة : سياسية وأخرى اجتماعية وثالثة شرعية ، ثم نقرر سويا
من الناحية السياسية لا توجد مواقف غير قابلة للتغيير ، كل موقف له معطيات ودوافع يبنى عليها ، فإذا ما ثبت أن هذه المعطيات قد تغيرت أو تغير بعضها أو استجدت معطيات جديدة فمن الغباء عدم اتخاذ موقف جديد حتى ولو كان ذلك من قبيل التكتيك فقط ، المسئول الذي لا لا يتمتع بهذه المرونة لا يستحق أن يكون مسئولا ولا مكان له إلا في بيته ، ولو عدنا إلى تاريخ السياسة العالمية كلها لوجدنا أن المواقف دائما تتغير وتتبدل وفق ظروف ومعطيات الواقع ، وكثيرا ما تحوّل صديق الأمس عدوا ، وكثيرا ما تحوّل حليف الأمس إلى المعسكر الآخر ، هذه هي السياسة ، فلا غرو إذا أن يبدل الإخوان قرارهم في ظل معطيات جديدة بدت لهم مقنعة .
من الناحية الاجتماعية : إن كان تغيير المواقف يعد كذبا فهذا معناه أننا نكذب في اليوم الواحد مئات المرات ، فلنفترض مثلا أنني أعطيت شخصا ما موعدا لمقابلته في ساعة معينة باعتبار عدم وجود ارتباط لي في هذه الساعة ، وقبل حلول الموعد فاجأتني ظروف جديدة ، جاءني زائر فجأة ، أو مرضت أو مرض أحد أفراد أسرتي فجأة ، أو حدثت وفاة مفاجئة ، أو أي مستجدات أخرى استدعت أن أؤجل الموعد أو ألغيه نهائيا حسب نوع الظرف ، هل أكون كاذبا ؟ .. إذا وعدت شخصا بمساعدة ما ثم حالت ظروفي دون تقديم هذه المساعدة لأي سبب ، هل أكون كاذبا أو مخلفا للوعد ؟ ... دعاك صديق لمناسبة ما ووعدته بالحضور وحالت ظروفك دون الحضور ، هل تعد كاذبا ؟ كما أن الدكتور البرادعي أعلن أنه لا يفكر مطلقا في الترشيح ُم عاد وشارك وطالب ملحا حتى برئاسة الحكومة ثم عاد وانسحب نهائيا ولم يتهمه أحد بهذه الاتهامات ، المسألة كلها متعلقة بالظروف المحيطة وقت اتخاذ القرار وبالظروف المحيطة ومستجداتها وقت تغيير القرار .
أما من الناحية الدينية فقد استدل البعض بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام المشهور " آية المنافق ثلاث ،،،،،، " في توجيه الاتهام إلى الإخوان بالكذب والنفاق والخيانة ، وهو استدلال أرى – من وجهة نظري البسيطة – أنه في غير موضعه ، لأنه يحمل اتهامات خطيرة لأناس أبعد ما يكونوا عنها منهجيا .
فالذي يراه هذا البعض كذبا يراه غيرهم – وأنا منهم – منتهى الصدق ، لأن تغيير المواقف هنا ثم من أجل الصالح العام وهذا هو عين الصدق مع النفس ومع المواطن ومع الله قبل كل ذلك ، فإذا كان هذا كذبا فماذا يكون التصلب والتعصب والإصرار على المواقف دون اعتبار للمتغيرات الجديدة ، ولا مجال للحديث عن النفاق لأن المنافق جبان يتخفى دائما وهؤلاء واجهوا كل قوى الظلم واصطدموا بها ، ولا مجال للاتهام بالخيانة لأن ما عاهدونا عليه هو مراعاة مصالحنا العامة وفق رؤيتهم وبالتأكيد لم نعاهدهم على التصلب وفقدان المرونة .
اللهم يسرنا للهدى ويسر الهدى لنا ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، واحم حوزة الدين ، وانصر عبادك الموحدين ، ووفقهم لنصرة الحق والدين ، واهد عبادك الضالين ، وحل بينهم وبين المضللين جنود الشياطين ، واحفظ بلادنا من كل شرّ يحاك لها ، آمين آمين آمين .

لا تظلموا الإخوان ( جزء 3 ) Giantup_com133348013219

» لا تظلموا الإخوان ( جزء 1 )
» لا تظلموا الإخوان ( جزء 2 )