تعقيبا على مقال الأستاذ السعيد إبراهيم لماذا لا يقنعني البرادعي :
أستاذنا الفاضل و معلمنا الكبير الأستاذ السعيد إبراهيم السعيد أشكرك أولا على الاستجابة لدعوتي في إبداء رأيك الذي يسعدنا و يفيدنا كثيرا- فخبرتك الكبيرة تضيف إلى معلوماتنا و تدعمها و تصححها- أن نطلع عليه حول الدكتور البرادعي و أحترم تماما كل ما أشرت إليه وقد عللت تفصيليا ما أشرت أنا إليه سريعا في مشاركتي التي كتبت على عجالة و التي دافعت فيها عن البرادعي كمواطن مصري- و ليس كمرشح للرئاسة - أراد أن يسهم في خدمة بلده و الانتقال بها من حالة الركود و الخمول و التردي, فقد هالني حقا ما يتعرض له من هجوم من كل الجبهات و خاصة من النخب و الإعلام و الأخير ذاته كان قبل أشهر قليلة يمجده و قد رفع به عنان السماء و بمجرد أن أشار إلى أنه انتوى – اقتباسا من الرئيس السابق – الترشح إلا و انقلب السحر على الساحر, هوجم بشراسة و لم يستطع أن يوقف هذا الهجوم وحده و لو حتى برفع الدعاوى ففي مصر مبارك لم يكن القضاء المتعاون لينصفه كما كان حال كثير من أبناء مصر الذين لم ينصفهم القضاء هذا عوضا عن طول مدة التقاضي التي يتوقع لها أن تطول في هذه الأحوال , و عن عمله بالوكالة فهو تدرج في عدة وظائف بها حتى وصل منصب الإدارة وندرك جميعا حقيقة كون الأمين العام للأمم المتحدة مواليا للغرب و أمريكا و ألا يكون مسلما و لكن الوكالة ليست بأهمية الأمم المتحدة التي تتناول كافة العلاقات الدولية السياسية و الاقتصادية و الدينية و غيرها أما الوكالة فهي تختص بالأسلحة الذرية و أنشطتها و أن الغالبية الساحقة من الدول التي تمتلك أسلحة ذرية هي دول غير إسلامية اللهم إلا باكستان و قد وافق الغرب و أمريكا و سمحوا لها بامتلاك السلاح النووي لتحقيق التوازن النووي في شبه القارة الهندية ووجود البرادعي رئيسا في هذه الحال ليس ضروريا أن يكون مواليا لأمريكا أو خاضعا لها بدليل أنه رفض الضغوطات التي مارستها أمريكا و إسرائيل بشراسة عليه من أجل أن يورط العراق سابقا و إيران فيما بعد و وقف بشجاعة ضد تمرير و فرض المشروعية على غزو العراق و أعلن أمام العالم أجمع في الأمم المتحدة أنه لا يوجد في العراق أدلة على امتلاكها للسلاح النووي في حين سمح بهذه المشروعية وباركها مبارك و قادة الدول العربية , كما أنه إذا كان رئيس الوكالة ينبغي أن يكون مواليا لأمريكا فما يضير أمريكا و الغرب من البداية أن يختاروا اختيار مديرا غير عربي و غير مسلم لماذا لم يكن مثلا إسرائيليا أو انجليزيا ؟ فلم تكن الدول العربية و الإسلامية لتحتج على ذلك لأنها بكل بساطة غير مؤثرة في عمل هذه الوكالة و أنشطتها إضافة إلى عم ثقلها و تأثيرها العالمي !!! كما أن عمل مثل هذه المنظمة العلمي في الأساس لم يكن ليكون علميا و ناجحا إذا كان اختيار المدير العام لها وفقا لأهواء أمريكا فهذا يتنافى مع مبادئ الادارة الناجحة التي تعتمد الكفاءة و القدرة هي المعيار الرئيس , و عن خلفيته الدينية فهو مثله مثل كثير من المصريين بل و غالبية المرشحين – باستثناء ذوي الخلفية الدينية – لا يفرقون عنه كثيرا و إقصائه يستدعي إقصائهم جميعا و أنا أتمنى مثل غالبية المصريين أن يكون رئيس مصر ( أيا كانت نوعية نظام الحكم القادم ) يتمتع بخلفية دينية قوية و لديه مستوى عال من الالتزام . و قد ذكرت أن أسرته كان لها تاريخ قاصدا نقابة المحامين و العمل الوطني و لا أقصد الجوانب الاقطاعية و التي أوردتنا المهالك و أتفق معك ,و قد أحسنت الإشارة و التمثيل بقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في هذا الشأن, و أتفق معك تماما في قضية الاتهام بالتآمر فهناك جهات ذات شأن ينبغي أن نستقي معلوماتنا منها إن أقرت بذلك و أعتب على من يقوم بكيل الاتهامات دون سند أو ينقل الكلام دون تمحيص و يقول كما يقول آخرون .
نعم أستاذنا أتفق معك أنه ليس مفجر الثورة و لم أقل بذلك مرة بل قلت أنه شارك و بقوة في دعم شباب الثوار و الثورة تعود لجهات عديدة كما نعلم (6 إبريل منذ عام 2008 و حركة كفاية و الإخوان و غيرهم ) و أتفق معك أيضا و أدرك ذلك أنه استغل الموقف الدولي و تشجع في إعلان ترشحه ضد مبارك و هذا ليس عيبا- و ربما تتفق معي - فالموقف كان يستدعي ذلك خاصة في الوقت الذي كان مشروع التوريث بات وشيكا و بمباركة أفراد و جماعات لا نصدق أنها كانت تنحو هذا النحو فيما يشبه عقد صفقات من وراء الستار مع النظام , فكان قرار ترشحه من الشجاعة بأن أسهم مع شباب الثوار و سلبيات رجال النظام ذاته كأحمد عز و جمال و غيرهم و الانتخابات الأخيرة 2010 في إحباط المشروع التوريثي برمته بل و القضاء على رأس النظام و بعض أركانه...
إن موضوع اختيار الرئيس حاليا من وجهة نظري ينبغي أن يكون بعد الدستور حيث سيكون سباق الرئاسة بلا جدوى لو تم اختيار نظام الحكم برلمانيا و لو كان رئاسيا أو مختلطا فالأمر منطقيا يحتاج مدة أطول من المدة المعلنة 30 يونيه حتى يتمكن كل مرشح من تقديم أوراق اعتماده و برامجه للناخبين , و من هنا فالغموض هو سمة حقيقية لا يستطيع أحد أن يتقدم للترشح و يترشح على أي أساس ... و أعتقد أن البرادعي انسحب وفقا لهذا التصور ...
و أنا هنا لست مدافعا عن البرادعي إلا باعتباره مواطنا مصريا تعرض لهجمات من جبهات عديدة و بشراسة حتى أن البعض منا بات يهاجمه بمجرد ان يسمع اسمه و كنت أتمنى أن يكون النقد موضوعيا و مدروسا لا أن يكون تكرار لما يقوله الآخرون فرؤية الانسان خاصة إذا تعلقت بغيره ينبغي أن تتحرى الصدق و تبحث عنه و تثبته و تتجنب التجريح و التشكيك و ذلك انتهاجا لقول الله تعالى : " يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " ( الحجرات 6)
أخي الفاضل و أستاذنا حقا فقد أبدعت في تحليلك و رؤيتك للدكتور البرادعي و قد التقينا كثيرا و اختلفنا قيلا و لكن ذلك لا يمنعني من إبداء إعجابي برؤيتك و التي نتعلم منها فأنت الأستاذ و نحن التلاميذ ... لك خالص التحية ...و آسف على الإطالة ...