النظائر المشعة الصناعية : Artificial Radioactivity Isotopes

تستخدم النظائر المشعة المنتجة صناعيا بصورة أوسع من تلك الموجودة في الطبيعة ؛ والسبب يعود إلى كون النويدات المشعة المنتجة صناعيا تفي بالأغراض التطبيقية في الصناعة والزراعة والطب والتكنولوجيا لأنها أنتجت وفق مواصفات مقصودة تتضمن نوع العنصر ،درجة نقاوته ، نصف عمره الإشعاعي، ونشاطه الإشعاعي النوعي .

تنتج النويدات المشعة الصناعية عن طريق التفاعلات النووية حيث تقصف نــويدات مستقرة بجسيمات مشحونـــة فى المعجلات أو بالنيوترونات فى المفاعلات النووية.




عرف اليورانيوم المنضب لأول مرة عام (1940) وهو عبارة عن معدن اليورانيوم المتبقي بعد إزالة اكثر النظائر النشطة إشعاعيا ،وهواليورانيوم 235 من اليورانيوم الطبيعي لاستعماله كوقود وأسلحة نووية ،وما يبقى منه هو نظير اليورانيوم 238 الثقيل و الذي تصل كثافته ضعفي كثافة الرصاص، وبسبب هذه الكثافة العالية (19.04gm/cm³)،ولما يتمتع به من قوة اختراق عالية ايضا فقد استخدم اليورانيوم المنضب في صنع القذائف والطلقات المضادة للدبابات والعربات المصفحة، وهو ذو نشاط إشعاعي ضعيف وله فعالية إشعاعية (Specific Activity) تبلغ (14.8mBq/μg) وهي أقل من الفعالية الأشعاعية لليورانيوم الطبيعي (25.4mBq/ μg) بنسبة (40%)غير ان خصائصه الكيميائية مشابهة للخصائص الكيميائية لكل من اليورانيوم الطبيعي واليورانيوم المخصب. ويصنف اليورانيوم على انه منضب عنـد نقصـان وفـرة النظيرين اليورانيوم 235 واليورانيوم 234 إلى نظيـر اليورانيـوم 238 ، إذ ستنخفض نسبـة تركيز نظيـر اليورانيوم 235 من 0.72%)) إلى نحـو(%0.3 -%0.2) وتـزداد نسبــة تركيـز نظيـر اليورانيـوم 238 مـن (%99.27 الى %99.79).


يمتلك نظير اليورانيوم 238 عمر نصف أطول من عمر النصف لكل من نظيري اليورانيوم 234 واليورانيوم 235 كما انه يتواجد بوفرة اكبر من كليهمـا في اليورانيـوم الطبيعي واليورانيوم المنضب ، ويبلغ عدد جسيمات ألفا المنحلة من مليجرام واحـد مـن اليورانيـوم الطبيعـي خلال سنـة واحـدة نتيجـة لانحـلال كل من نظيـر اليورانيـوم 238،اليورانيـوم 235 واليورانيوم 234 مـا يقـارب (10¹⁶×1.7) و (10^11[sup][/sup]×3.9) على التوالي


يصنع سلاح اليورانيوم المنضب من نفايات نووية ، وقد وجد الى جانب فاعلية السلاح الفائقة في اختراق المركبات المدرعة بأنه فتاك لكونه مشعا وساما كيميائيا ، اذ يشتعل ذاتيا عند الانفجار إلى آلاف الدرجات الحرارية ، مدمرا الدبابة وطاقمها لدرجة التفحم ، مطلقا في الهواء اوكسيد اليورانيوم الذي تشكل جزيئاته سحابة كثيفة تنتقل إلى مسافات واسعة عبر الرياح ، مسببة لمن يستنشق غبارا أو يتناول طعاما ، أو يشرب ماء ملوثا بها مشاكل صحية خطيرة ، ومنها تلف الكليتين والكبد وجهاز المناعة والجهاز العصبي و السرطان والتشوهات وغيرها.


وقد اثبت العديد من العلماء والباحثين بقاء الركام المضروب بهذا السلاح مشعا لسنوات عديدة ، و الأخطر من هذا إن لليورانيـــوم المنضب نصف عمر 4.5 مليار سنة ، وينتقل في الجو والتربة والماء والنبات ويصيب الإنسان والحيوانات لأجيال متتالية.

وعلى الرغم من كل التحذيرات والمخاطر الجدية استخدمت القوات الانكلوامريكية مجددا سلاح اليورانيوم المنضب خلال مهاجمتها للقوات العراقية أثناء الحرب الأخيرة(2003).
وقد أشارت التقارير إلى إن ما بين300 الى 800 طن من اليورانيوم المنضب، أطلقت في حرب(1991) ما يزال ركامها لليوم ينتشر في جنوب العراق ، و أطلقت القوات الأمريكية في الحرب الأخيرة كمية غير معلومة لحد الآن لكنها تتميز بشـدة تأثيرهـا بنحـو (400-800)مـرة مقارنة مع ما استخدمته عام 1991)) ، مما يهدد إمدادات المياه والسلة الغذائية في العراق بالتلوث بالغبار المشع على نحو خطير.

وقد سلطت دراسات لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الضوء على مخاطر تسرب اليورانيوم المنضب الى شبكات المياه في كوسوفو والبوسنة وصربيا بعد سبع سنوات على استخدام سلاحه.

يبعث اليورانيوم المنضب ثلاثة أنواع من المطلقات هي ألفا وبيتا وجاما ، جسيمات ألفا لا تخترق الأنسجة الحية بل تعترض من قبل الجلد ، أو تدخل الجسم عن طريق الجهاز التنفسي ومنه إلى الدم . وفي هذه الحالة يمكن لجسيمات ألفا أن تسبب سرطان الدم ومرض اللوكيميا الذي يظهر في الأطفال بنسبة كبيرة عند مقارنة عدد الإصابات مع الكبار .

أما جسيمات بيتا فهي تخترق الأنسجة الحية وتسبب الضرر بها أو يتم اعتراضها من قبل الأحذية والملابس العسكرية ، بقيت أشعة جاما التي تتمتع بقابلية اختراق عالية إلا إن مقدار ما ينبعث منها من اليورانيوم المنضب قليل جدا .

وفيما يتعلق بالسرطان فان اليورانيوم المنضب يؤثر بشكل خاص بكلا السميتين الكيميائية والإشعاعية على عضويين يعتبران هدفه الأهم في الجسم هما الكلية والرئة . ويمكن إيضاح تأثير اليورانيوم المنضب على أعضاء جسم الإنسان بشكل مفصل وكما يلي:

1_ الكليــــة: Kidney
احتبـاس(Retention) اليورانيـوم في الكليـة إلى تولـد معقدات البروتينــات وشحـوم الفوسفــات فـي الأقنيـة القريبــة للكليــة(Complexes with proteins&phospholipids in proximal tubules) وهي المواقع الرئيسية الأكثر تحطما في الكلية لإن عملية تصفيـة اليورانيوم في الجسم تتـم بشكل أولي من قبلها .

ان معظـم اليورانيـوم الذي يدخـل الجسم (اكثر من%95) لايمتص بل يطرح في البراز .وتقوم الكليتان بترشيح حوالي (%67) من المقدار الذي يتم أمتصاصه من قبل الدم ،ثم تخرج هذه النسبة مع البول في غضون 24 ساعة.
وفي الأحوال العادية ،يمتص الجهاز الهضمي نسبة تتراوح بين(%0.2) و(%2.0) من اليورانيوم الموجود في الأغذية والمياه .ويكون أمتصاص مركبات اليورانيوم القابلة للذوبان أسهل من أمتصاص المركبات غير القابلة للذوبان[21,23].
وقد كشفت دراسـات طويلة الأجل،أجريت على عمال تعرضوا بشكل متواصـل لليورانيـوم حدوث بعض الضعـف في أداء وظائف الكليتيـن (Impairment of Kidney Function) اعتمـادا علـى مستوى التعرض. وكانت هذه النتيجة مماثلة لما توصلت إليه دراسات أخرى على أشخاص يعيشون في تجمعات سكنية تعرضت فيها مصادر مياه الشرب لليورانيوم بشكل متواصل .
وهناك بعض الشواهد تشير إلى إن وظيفة الكلية قد تعود الى طبيعتها حالما يزال مصدر التعرض المفرط لليورانيوم [20,21,23,25]. غير إن أخرى تؤكد إن أية كمية منه تسبب سرطان الكلى.

2 _ الـــرئة:lung
ان كلا من اليورانيوم واليورانيوم المنضب وتحت ظروف مختلفة قد يتحرران بشكل غبار او مطلقات دخانية في الهواء ، ومن ثم فأن الجسيمات التي يتراوح قطرها مابين(1-10μm) ستدخل الرئة وتصل الى أعماقها ، في حين تصد باقي الجسيمات الأكبر قطرا من أعلى الجهاز التنفسي ثم فهي أما تلفظ مع البلغم عن طريق السعال أو البصاق أو يتم بلعها .
يعتمد مقدار اليورانيوم واليورانيوم المنضب الداخل الى الدم ومعدل امتصاصه من قبل الدم على حجم الجسيمة وصيغتها الكيميائية فالجسيمات الأصغر تكون قابليتها على الذوبان البايولوجي اكبر كما أنها تميل للدخول بفعالية وسرعة اكبر.
أثبتت العديد من الدراسات التي اجريت على معادن اليورانيوم الزيادة في مخاطر الإصابة بسرطان الرئة ،الا إنها تنسب في بعض الأحيان إلى التعرض لمطلقات انحلال الرادون ، إذ ان هناك احتمالية تحول الأنسجة التالفة إلى خلايا سرطانية ، إذا ما بقيت جرعة عالية من الإشعاع ناتجة عن مركبات اليورانيوم المنضب غير المذابة في الرئة لبضع سنوات.

3 _ الجــلد: Skin
من غير المرجح أن يؤدي التماس الجلدي المباشر مع معادن اليورانيوم المنضب ،وان دام عـدة اسابيع ،الى الأصابة بالطفـح الجلدي (Erythema) الناجم عن الأشعاع ( التهاب البشرة السطحي) ،وقد بينت دراسات المتابعة التي أجريت على بعض قدماء المحاربين ممن أصيبوا بشظايا منطمرة في الأنسجة تراكيز اليورانيوم المنضب في البول وهي سهلة الكشف ،ولكن دون أية عواقب صحية جلية . أما مستوى الأشعاع الذي يتعرض له العسكريون داخل العربات المصفحة فمن غير المرجح أن يفوق متوسط الكمية السنوية الخارجية من أشعاع المحيط الطبيعي من جميع المصادر.
وتفترض بعض المعلومات المؤكدة إن سرطان الجلد ناتج عن اتصال الجلد مع غبار اليورانيوم.

4 _ الكبــد والهيكـل العظمـي: Liver & Skeleton
وجد عند تشـريح جثث الأشخـاص المتعرضيـن لليورانيـوم بشكل متواصل بأن معـدل نسب مقاديـر اليورانيـوم في الهيكـل العظمي، الكبد والكلية هي 63):2:8:100). وقد يعكس محتوى اليورانيوم العالي في الهيكل العظمي صلته بالفوسفات المتوفر في العظم . ولا توجد تأثيرات سلبية مؤكدة لليورانيوم تم تسجيلها للعظام أو الكبد.

5_ الجهـاز العصبـي المركـزي:Central Nervous System
على الرغم من إن اليورانيوم المنضب المتحرر من الشظايا المستقرة في الجسم قد يتجمع بشكل تراكمي في أنسجة الجهاز العصبي ، وان بعض الدراسات قد افترضت تأثيره على وظائف الجهاز العصبي ، غير أنه يصعب القول وجود أو عدم وجود تأثيرات لليورانيوم المنضب على الجهاز العصبي المركزي.