الموقف الأمريكي !!!!!

مع بدايات ثورة 1952 كانت الولايات المتحدة في المراحل الأولى لبناء الامبراطورية الأمريكية على أنقاض الاستعمار القديم متمثلا في انجلترا وفرنسا وأسبانيا والبرتغال وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وكان من الطبيعي أن تحاول أمريكا التقرب من الثورة المصرية لما تتمتع به مصر وثورتها الرائدة من أهمية عالمية كبيرة تستمدها من امتدادها العربي والإسلامي والأفريقي والآسيوي ، وأضافت شخصية عبدالناصر كزعبم عالمي الكثير إلى أهمية مصر في هذا الوقت .
وبالفعل بدأت محاولات التقارب والتعاون ، لكن التقارب والتعاون الأمريكي مشروط دائما بمصالح أمريكا ويستلزم التبعية الكاملة لها ، لذلك سرعان ما لاحت في الأفق بوادر الصدام بين أهداف الامبراطورية الأمريكية في السيطرة وأحلام الثوار في التحرر والانطلاق نحو البناء المستقل خاصة بعد أن تجاوزت حركة التحرر حدود الوطن وانطلقت إلى العالمية كالنار تحت الهشيم لتزلزل قواعد الامبراطوريات الاستعمارية ، وشيئا فشيئا تحول الصدام الخفي إلى مواجهة عنيفة في ظل جو من العداء ومحاولات أمريكية مستمرة لإسقاط الثورة .
واستطاعت أمريكا بالفعل بعد وفاة عبدالناصر أن تسيطر على النظام المصري تدريجيا حتى حولته إلى نظام رجعي مستأنس من جديد تابع بنسبة 100% ، ليس هذا فقط ولكن وصل الأمر إلى أن أصبح النظام يتفذ السياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة وفي مناطق أخرى ويدافع عن مصالحهما ، إلى أن نفد صبر الشعب المصري فقام بثورة جديدة في يناير 2011 ما زلنا نعيش أحداثها من عام ونصف .
ومن الطبيعي أن تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على احتوائها لمصر إما بإسقاط هذه الثورة أو باحتوائها ، وأن تكثر زيارات المسئولين الأمريكيين لمناقشة الأوضاع المستقبلية مع القيادة الجديدة ، وها نحن نراهم يتوافدون مسئولا بعد آخر منذ اختيار الدكتور مرسي رئيسا لمصر ، ولا مجال في السياسة لرفض التحاور ، فلا بد من مقابلتهم والاستماع إليهم وإسماعهم أيضا وجهة نظرنا في العلاقات المستقبلية ، وعادة ما تكون حوارات جس النبض تبدو هادئة وحميمية حتى تبدأ بوادر الخلاف ، وما أشبه اليوم بالبارحة ، نفس المقدمات ولا أشك أن النتائج ستكون هي نفسها ، بل إني أتوقع أن يكون الصدام أكثر سرعة لأن الخلاف مع ثورة 1952 كان سياسيا واقتصاديا ، أما اليوم فإن الصراع سياسي اقتصادي عقائدي ولا مجال لأيهما أن يحقق انتصارا كاملا على الآخر بالرغم من القوة المادية الأمريكية ، وبالتالي ستستمر اللقاءات والحوارات لمحاولة إيجاد أسس للعلاقات تمكن من السيطرة على الصراع بشكل يمنع الإنفجار أو يؤجله على الأقل أطول فترة ممكنة ، ولننتظر لنرى !!!!!!