الديمقراطية المزيفة !!!!

كنا قبل الثورة نعيش في وهم التفاخر بالهامش الكبير من الديمقراطية المتاح للشعب المصري والذي حاول النظام السابق والآلة الإعلامية المسبّحة بحمده أن يقنعوا بها الشعب ، وبعد الثورة التي تحقق لنا الكثير بفضل الله وبفضلها ما زالت هناك محاولات مستمرة من بعض التيارات الموالية للخارج والمنتفعين في الداخل لوضع مصر كلها في وهم جديد رافعين شعار الديمقراطية أيضا مطالبين بها ، في الوقت الذي يضعون العقبات في كل طريق يمكن أن يؤدي إليها أو يساهم في تحقيقها .
إنخرط هؤلاء وسط الثوار المطالبين بالديمقراطية والكرامة وبكل الهمّة ، لكن مسعاهم لم يكن أبدا لنفس أهداف الثورة ، ولكي يتضح لنا ذلك نرجع إلى مطلب الديمقراطية الذي كان المطلب الرئيسي وأهم الأسباب التي قامت من أجلها الثورة ، نجد أن الجميع قد أجمع على المطالبة بالديمقراطية مهما كانت دوافعهم ، لكن يغلب على ظني أن هذه الفئة كانت تعتقد أن الجيش لن يسمح بإجراء انتخابات نزيهة وأنه سيأتي بأعوان النظام السابق ، فلما تبين لهم خيبة ظنهم كشفوا بجهلهم عن هويتهم ، فبعد أن أظهرت نتائج الانتخابات أن غالبية الشعب ترفضهم وترفض منهجهم الفاسد راحوا يشعلون النار من جديد ويرددون أن شرعية الميدان أقوى من شرعية البرلمان ، فكيف تكون شرعية بضعة مئات أو آلاف أقوى من شرعية مجلس يضم ممثلين لكافة فئات الشعب واختارهم أكثر من ثلاثين مليون ناخب ، وهم كبير جديد يريدون فرضه على الساحة للحيلولة دون نجاح العملية الديمقراطية لأن نجاحها يتعارض مع رغباتهم وأجنداتهم .
المطلب الثاني كان الكرامة للمواطن المصري ، والخارج بلا شك يخطط عيانا وبيانا لهدر كرامة الإنسان المسلم عامة والمصري خاصة و لا يمكن لعملائهم إلا أن ينفذوا هذه المخططات ، والمنتفعون في الداخل لطالما تلذذوا واستمتعوا بإذلال المواطنين وإجبارهم على التبعية المهينة لهم ولا يمكن إلا أن يقاوموا التغيير الحالي لأنه سيحرمهم من هذا الإحساس بالكبر والتميز ، والمتكبر حين تنزع منه الأسباب التي يتذرع بها للتكبر يكون كالجسد وقد نزعت منه الروح .
فمطالب الثورة إذاً كانت ضد رغباتهم ، لكنهم شاركوا في الثورة وفي اعتقادهم أنها مجرد هبة أو انتفاضة لن تنجح في تغيير الأوضاع وأن الأحداث ستأتي بهم مرة أخرى إلى سدّة الحكم ، وهم ليسوا فريقين كما قد يبدو لأن مصالحهم الشخصية قد تتضارب لكن الأهداف الاستراتيجية واحدة ، والخارج يعلم أن وصول أي منهم إلى سدة الحكم سيكون في صالحه ، لأن الباحثين عن مصالح شخصية يسهل دائما التعامل معهم بل و يسهل شراؤهم .
وقد جاءت أحداث مباراة الكرة الأخيرة لتكشف النوايا ، ويراها حتى ضعاف البصر ، ويدركها حتى متوسطي الفهم .
لقد خططوا لإحداث مجزرة _ حسب رؤيتي _ في استاد بورسعيد ، وضعوا افتراضا بنوا عليه خطتهم معتمدا على التوتر المعروف بين جماهير المصري وجماهير الأهلى ، وأن الأهلي سيقوز فيندفعون باعتبارهم من جماهير بورسعيد للانتقام من لاعبي وجماهير الأهلي ويتم اتهام جماهير بورسعيد وتشتعل النار ، لكن الله خيب ظنهم ليكشفهم ففاز المصري ولم يعد هناك أي مبرر للاعتداء على لاعبي وجماهير الأهلي ، ثم انطلقت جماعات منهم في نفس الوقت للاعتداء على وزارة الداخلية على أساس أنهم مشجعي الأهلى ورغم نجاحهم في دفع بعض المشجعين لمجاراتهم ، لكن الله أراد مرة أخرى أن يكشفهم فأعلن مشجعوا الأهلي أكثر من مرة أنهم انسحبوا ولم يعد لهم تواجد في المناطق المشتعلة حول الوزارة وأصبح الجميع يعلم أن المتواجدين الآن هم من خرجوا فقط من أجل التخريب .
هؤلاء المزيِّفون لم يسمعوا يوما بقول الله سبحانه وتعالى " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون "