وجهة نظر !!!!!!

عندما قامت ثورة يناير كان الأساس الذي قامت عليه هو محاربة الفساد الذي تمثل في انعدام الحرية والعدالة سوء الأحوال المعيشية ، وبدأ الموقف يقترب من الإنفجار بعد تزوير الانتخابات الفاضح والمتبجّح في 2010 ، وبعد أن كتب الله للثورة النجاح في ظل شعار واحد تجمعنا جميعا حوله هو ( مصر ) ومصلحة مصر ، وكنا بهذا الشعار يدا واحدة .
ولأن السبب الرئيسي ( وإن لم يكن الوحيد ) في تفجير الثورة كان تزوير إرادة الجماهير ، فقد كان المطلب الأول وربما الوحيد هو إجراء انتخابات جديدة حرة ونزيهة يعبر فيها الشعب إرادته باختياره دون تدخل من أي جهة في عملية التصويت ، وبدأ الإعداد لهذا الحدث المهم بوضع خارطة طريق تصل بنا في النهاية إلى قيادات شريفة في جميع المواقع القيادية يناط بها إعادة بناء المجتمع من جديد وفق المصلحة العامة وبعيدا عن المصالح الشخصية أو الفئوية .
في هذا التوقيت كانت بعض التيارات تسمى بالمحظورة وحوصرت تحت هذا المسمى ومنعت من مباشرة حقوقها السياسية ، وتم إقناع الداخل والخارج أن هذه التيارات لا تمثل إلا نفسها وأنهم قلة ، وانساقت التيارات السياسية الأخرى خلف هذه التقديرات المضللة ، وحسبت حساباتها على هذا الأساس ، واستنتجوا من هذه المؤشرات أن الثورة ستأتي بهم إلى الحكم ، لذلك لم يمانعوا في انتخابات حرة ونزيهة .
ومع أول خطوة من خطوات خارطة الطريق وهي الاستفتاء على التعديلات الدستورية نبين للتيارات الأخرى أن هذه التيارات - التي كانت تسمى المحظورة وأصبحت تسمى الإسلامية – هذه التيارات ليست قلة ولكنها أغلبية وأغلبية كبيرة جدا ، وأن حساباتهم كانت خاطئة ، فبدأ رد الفعل لديهم بمحاولة الانقلاب على ما اتفق عليه قبلا ، حاولوا في البداية أن يطمئنوا أنفسهم بادعاء أن هذا الاستفتاء لا يعبر عن حجم هذه التيارات في المجتمع وراحوا يرددون ذلك وأن هذه التيارات ضللت الناخبين بتخييرهم بين الجنة والنار ، وأشاعوا أن الناخب قد صوت بنعم لينجو من النار ويدخل الجنة ، بل إنهم حددوا نسبا وقالوا إن هذه التيارات لا تمثل على أفضل تقدير سوى 15 :20 % .
لكن تصادف إجراء انتخابات بعض النقابات في هذه الفترة وفازت فيها التيارات الإسلامية بما يشبه الاكتساح ، هنالك تبين للتيارات الأخرى أن الأمر ليس كما قدّروا ، وأن أغلبية الناخبين تساند هذه التيارات الإسلامية بشكل قوي ، وكان أن تركزت جهودهم في محاولة تشويه هذا التيار وتخويف الناخبين من وصولهم للحكم بالترويج بأنهم متشددون وسيحيلون المجتمع إلى جحيم لا يطاق ، ومرة أخرى أخطاوا في حساباتهم حين أغفلوا أن هذا الشعب بطبيعته وفطرته متديّن ، فكان أن احتشد الناخبون حول التيارات الإسلامية وزاد ارتباطهم وتعلقهم بها ، لا لشئ إلا لأنهم رفعوا راية التوحيد كسبيل وحيد لإصلاح حياتنا .
وكان من المفترض أن يحاول المعارضون للتيارات الإسلامية أن يعيدوا التفكير في نهجهم ، وأن يتدبروا التوجه الآخر ليعرفوا لماذا التف الناس حولهم بهذا الشكل ؟ ، والله لو فعلوا ذلك بنية صادقة لهداهم الله إلى طريقه ولانضمّوا لإخوانهم في الدعوة إلى إعادة حياتنا إلى مسار الإسلام كما أراد الله لنا ، فهل فعلوا ؟
إنهم - ويا للعجب - لم يفعلوا ، وبدلا من ذلك كثفوا من محاولات التشويه ، وتحالفوا مع كل من لا يريد لراية الإسلام أن ترتفع على هذه الأرض مرة أخرى ، ولما تأكد لهم أن التيار الإسلامي واصل إلى الحكم لا محالة تفتقت أذهانهم عن بعض الأفكار الشيطانية لمحاولة وضع قيود على المستقبل لتقييد حركة التيارات الإسلامية في إعادة تحويل المسار نحو الإسلام ، بدأت بالمطلبة بحذف المادة الثانية من الدستور ثم بالمبادئ فوق الدستورية ثم بما سمي بوثيقة السلمي كل ذلك مصحوبا بما يشبه الاستجواب لقادة التيار الإسلامي على الفضائيات حول ما سيفعلون في بعض القضايا الشائكة إذا ما وصلوا للحكم في محاولة لصرف الناس عنهم ، لكن مساعيهم كلها باءت بالفشل .
ولكن .. هؤلاء المقاومون لعودة أمتنا إلى واحة الإسلام الشريفة هم جزء من نسيج المجتمع ، وهم مطالبون اليوم بإعادة النظر في نهجهم الحالي والتخلي عن سياسة التربص من أجل مصر ، ولا أظن ذلك أمرا صعبا خاصة إذا كنا نحب بلدنا ونسعى لصالحها ، يجب أن نتقبل جميعا اختيارات الناخبين بصدر رحب وفهم عميق للوطنية لنعبر بالوطن هذه المرحلة الخطرة ، كن كما تشاء واعتقد بما تشاء على المستوى الشخصي حزبي أو ديني أو حتى عائلي لكن حينما يتعلق الأمر بمصر فلا يجب أن نكون إلا مصريين .