رؤية في المشهد الحالي !!!!!!

الموقف المحتدم الآن حول بعض المباني الحكومية في القاهرة خطير بلا شك
خطير في دلالاته وليس في أحداثه ، وليسمح لي البعض أن أختلف معهم في تفسير أسبابه وأهدافه ونتائجه المحتملة
حسب رؤيتي المتواضعة فإن ما يحدث هو محاولة واضحة لاختلاق أسباب للاحتكاك مع أولى الأمر تنتج عنها أحداث تستغل للإثارة والتشويه لإفشال أو على الأقل إعاقة مسيرة التغيير وأحيانا لإعطاء الخارج ذريعة للتدخل في الشئون المصرية .
هذا الطرح له أسانيد على أرض الواقع نستطيع أن نتحاور حولها بكل الشفافية ، لكننا من حيث المبدأ يجب أن نقر أن هناك أخطاء سياسية لأولى الأمر في المرحلة الماضية وهي أخطاء لها مايبررها ، من بين هذه المبررات أنهم عسكريون وليسوا سياسيين والإدارة السياسية تختلف في بعض الجوانب عن الإدارة العسكرية ، ومن بينها أيضا اندفاع القرارات أحيانا في ظل ظروف غير عادية يخشى فيها على المصلحة العامة وأمن البلاد ، كما يجب ألا نغفل أن بعض السلوكيات من أي قيادة لا تكون مسبباتها وظروفها متاحة للعامة على الملأ لاعتبارات الأمن القومي ، وأخيرا فلا توجد أي قيادة في العالم بلا أخطاء لأن القيادة عادة ما تحاول توقع المستقبل وبالتالي لا بد للتقدير أن يشوبه بعض القصور لأن القادة في النهاية بشر .
لكن ما لا يمكن لأحد أن يختلف عليه أن هؤلاء الرجال يتحملون عبء العبور بالوطن إلى بر الأمان ، وأنهم حتى الآن يقومون بذلك بحكمة يحسدون عليها ، في ظل ظروف كما أشرت معقدة داخليا وخارجيا ، وفي ظل ضغوط لا يتحملها إلا رجال تشرّبوا الوطنية وتربوا على حب وحيد هو حب الوطن ، أقول ذلك بقلب مطمئن بإذن الله للحقيقة .
إن المشهد الآن واضح جليّ حتى للمواطن العادي ، مؤامرة إعادة تقسيم المنطقة من جديد إلى دويلات وكيانات صغيرة بحيث لا يمكن لأي منها أن ينافس العدو الصهيوني فتدين له المنطقة ، ويتحكم فيها وفي مقدراتها ويستغل ثرواتها لبناء دولته الغازية ، وتتمكن أيضا القوى الدولية الأخرى من السيطرة على منابع الطاقة لتأمين احتياجاتها بأبخث الأثمان دون أن تسمح لهذه الدويلات باستغلال عائدات هذه الطاقة في بناء نفسها ، هذه المخططات أصبحت معلنة في مراكز ووسائل المعلومات الغربية دون خجل أو خشية من أحد ، لقد كانوا يخفونها يوم أن كان في العالم قطبين متنافسين حتى لا يستفيد من إعلانها القطب الآخر وهو الاتحاد السوفييتي السابق ، لكن وفي ظل تحكم القطب الواحد الآن لم يعد هناك داع للإخفاء ، ومع هذا الإعلان نجد بيننا من يقف ليقول في بلاهة شديدة أنني لا أؤمن بنظرية المؤامرة !!!! تاريخ استعماري طويل على مدى كل القرون ، وغزو متتالي للمنطقة وتقسيمها إلى مناطق نفوذ ، وإعلان عن خطط تقسيم جديدة ولا يرى المؤامرة ؟ أظن أن هذا النموذج لن يرى أبدا .
هذا مانراه نحن البسطاء ، وبالتأكيد فإن من يتولى القيادة تكون لديه رؤية أكبر وأوسع بما لديه من خبرة وما يتوفر له من معلومات من جهات تعمل لذلك ليل نهار ، لكن ليس كل ما يعلم يقال ، فنحن حين نتكلم الآن تذهب بنا الآمال إلى منتهى ما نريد فإذا تولى أحدنا زمام القيادة ورأى ما لم يستطع أن يراه وهوخارج المسئولية ، ستكون قراراته محكومة بما علم ورأى ، وأعتقد أن مثال عصام شرف ليس ببعيد .
وإذا كان المسئول مقيدا في قراراته دون أن يتاح له أن يشرح ( ولعلكم لا حظتم اللواء عادل عمارة أثناء مؤتمره الإعلامي عن الأحداث حين اغرورقت عيناه بالدموع وهويردد أكثر من مرة أن مصر لن تسقط ونحن أحياء ) هذا كلام يستطيع من له قلب أن يرى خلفه الكثير ، وإذا كنا نحن نستشعر بعض هذه القيود دون أن نخضع لها ، فيمكننا أن نتحدث عنها دون حرج ، وأنا أستشعر أن هذه الأحداث الملتهبة من بداية الثورة وحتى الآن تقف وراءها وبكل قوة وفي ظل المخطط المذكور الاستخبارات الغربية والإسرائيلية ، قد لا يمكن للقيادة أن تعلن ذلك على الملأ صراحة فيسمّونها بالطرف الثالث لأن الإعلان الصريح يعني إغلاق الطريق تماما على أي علاقة مع هذه الجهات في ظل ظروف دولية لا يمكن فيها الوصول إلى هذه النقطة و في ظل ظروف داخلية هشة ، ومما يؤسف له أن هذه الجهات تتحرك تحت غطاء انفعالاتنا الثورية .
إذا كان لي من رجاء عندكم اليوم فأرجو أن ننأى بأنفسنا عن ركوب موجة النقد الانفعالية للمجلس العسكري ، وأن ننتقد السلبيات بحكمة حتى لا نقدم لأعدائنا الوقود الذي يشعلون به النار ، لان النار في النهاية ستحرقنا نحن .
وسيكون لنا متابعة أخرى لبعض القيود التي تحيط بقرارت أولي الأمر ، وإلى ذلك الحين أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .