قراءة في المستقبل القريب !!!

ونحن على وشك الانتهاء من المرحلة الثانية من الإنتخابات ولم تبق سوى المرحلة الثالثة فقط لنعرف كيف ستدار أمورنا في المرحلة القادمة ، المؤشرات تقول أن الأغلبية في البرلمان ستكون للتيارات الإسلامية ، وعلينا أن نحاول وضع تصورات للمستقبل القريب في ظل حكم جديد مرجعيته الأساسية هي الشريعة الإسلامية .
لا شك أن كل مسلم يحب دينه ، بل وكل ذمي مسيحيا كان أو يهوديا ، الجميع من هؤلاء سعيد بهذه العودة الميمونة بإذن الله للاسلام إلى مضمار حياتنا بصورة فعلية من جديد ، بعد أن ظل مهمّشا ومحيّدا على مدى عقود طويلة من الزمن ، لأن هذه العودة ستعيد الالتزام إلى الشارع المصري وستعيد للمواطن اعتباره وكرامته التي أهدرت وستعيد لأهل الذمة حقوقهم التي يكفلها لهم الشرع في المجتمع الإسلامي بعد أن حولتها أنظمة الاستبداد إلى عطايا تمنح لهم منه ، ويقنعهم أنهم ماكانوا ليحصلوا عليها لولاه ، كل هذه الحقوق المستردة فوق أنها قبل كل شئ ترضي رب العباد فإنها أيضا تسعد الشريحة الراغبة في ربها من كل الأطياف .
لكن محاولة تصور أحوال المستقبل القريب في ظل حكم يسظل بالشريعة ، لا بد أن تقودنا إلى محاولة تصور موقف الشرائح الأخرى مهما كانت نسبتهم قليلة ، فلا شك أيضا أن بعض الشرائح الأخرى لسبب أو لآخر لن تكون سعيدة بهذه العودة ، والحقيقة أن هذه الشرائح هي التي يجب أن نتصور موقفها وردود أفعالها ، فالشرائح السعيدة ستكون مؤيدة وليس لديها ما يسبب الخوف في المستقبل لنحاول تصوره لنحرص منه ، أما الشرائح التي نتوقع ألا تكون سعيدة فمن الحكمة أن نحاول تصور ردود أفعالها .
والحقيقة أن ردود أفعال كل شريحة من هذه الشرائح سيكون لها أسبابها ، فالذين تكسّبوا بطرق غير شرعية لن يجدوا في الغالب الفرص التي وجدوها في الماضي ، والذين نشروا الانحلال الخلقي والتبجح بالمعصية غالبا لن يسمح لهم بذلك ، والذين تسللوا إلى السلطة في ظل الفساد واستغلوا السلطة في التحكم والسيطرة فقدوا هذه الامتيازات ، والذين حاولوا فرض مفاهيم مخالفة للشرع ووجدوا من يحاول تشريعها لمنافع لهم لن يتاح لهم ذلك ، وغيرهم وغيرهم ، كل له دوافعه لكي لا يكون سعيدا ، ولكن يمكن القول أن ردود أفعالهم جميعا ستكون واحدة وهي محاولة إسقاط تجربة الحكم الجديدة ، وسيبذلون في سبيل ذلك كل مرتخص وغال ، وسيتوحدون يدا واحدة على اختلاف مشاربهم لتحقيق هذا الهدف .
فكيف نتصور بعض وسائلهم التي سيستخدمونها لتحقيق هذا الهدف ؟
أتصور أنهم أولا : سيمتنعون عن تقديم أي عون في الفترة القادمة ، بل وسيحاولون وضع القلاقل أمام التجربة لمحاولة إفشالها .
ثانيا : أنهم سيسخّرون إعلامهم وأموالهم لمحاولة إثارة المخاوف لدى الناس من القيود التي ستفرض عليهم في ظل التجربة الجديدة .
ثالثا : أنهم سيسخّرون هذه الطاقات لرفع سقف طموحات الشعب إلى أقصى درجة ليصاب الناس بالإحباط إذا لم تتحقق بعض هذه الطموحات فيستخدموها في الادعاء بفشل التجربة الجديدة في تحقيق طموحات الشعب .
رابعا : أنهم سيواصلون تأليب الفئات المختلفة التي لها مطالب ضد التجربة مستغلين مطالبات تحسين المعيشة
إلى غير ذلك من الوسائل التي تضع العراقيل والقلاقل في طريق التجربة لمحاولة إفشالها والعودة إلى ماكانوا عليه .
وفي ظل هذا التصور لا بد أن ننبه الشرائح المؤيدة إلى عدم الاستجابة لهذه الوسائل .
إن الممكن في المرحلة القادمة ليس تحقيق الرفاهية ، علينا جميعا أن نعلم ذلك ، وأن سقف طموحاتنا سيكون القضاء على الفساد المتمركز بشكل كبير في كل مناحي المجتمع ، وتنقية المجتمع من كل الشوائب التي علقت أو تأصلت لدينا ، بالإضافة إلى ترميم الاقتصاد ودفع عجلة التنمية ، وهذه مهام ليست هينة إنها تحمل مشاق جبارة تحتاج إلى إرادة صلبة وعزيمة لا تلين ، وأكثر مافيها من مشقة أنها رغم ماتكلف من جهد تحتاج إلى فترة غير قصيرة لتؤتي ثمارها تدريجيا لعدة أجيال ربما .
ولمن يجد في الأمر مشقة بلا فائدة يراها بنفسه ويوعَد بها أبناءَه ، نقول له إذا استعظمت الأمر فتذكر أن المطلوب منك فقط أن تبذل الجهد لوطنك ولمستقبل أبنائك ، وتذكر أن غيرك من الشهداء قد دفعوا أرواحهم ثمنا لتبقى أنت ، فهل تستكثر بعض العطاء على وطنك وأبنائك؟
إن الطريق المتوقع يعتصم سالكوه بحبل الله ، ومن يعتصم بالله فهو حسيه ، كل المطلوب منهم أن يعيدونا إلى الطريق الصحيح ، والبدء بعد ذلك برسم الدور الذي يليق بهذا البلد المسلم وبهذا الشعب العريق ، ويجب مرة أخرى أن نقدر أننا في مرحلة عطاء وتطهير ، وأننا مطالبون بأن نستمر في دفع مسيرتهم نحو الإصلاح الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي والديني كل في مجاله .
"ولينصرن الله من ينصره "