نحن والمجلس الجديد

تتسارع الأحداث كلما اقتربت الإنتخابات ، وتتجاذبنا أخبارها هنا وهناك ، ونتشيّع فرقا وراء انحيازات قبلية جاهلية فتشغلنا عن القضية الإساسية التي يفترض أن تكون شاغلنا الشاغل ألا وهي كيف نرى المجلس الجديد ؟
إنها القضية التي يجب أن تشغل جُلّ اهتمامنا ، لأن هذا المجلس المنتظر يكتسب أهمية تفوق أهمية كافة المجالس النيابية السابقة ، ذلك أنه سيكون مكلفا برسم خريطة مصر الإجتماعية والسياسية والاقتصادية لفترةٍ الله وحده يعلم إلى متى ستمتد ، وهذا التكليف يتطلب أن نختارعضوا على قدر هذه الأهمية له طبيعة فريدة ومميزة .
ونفترض معا في ظل هذا التكليف نائبا عن الشعب نستطيع أن نتصور بعض الملامح حول شخصه مثل :
1- أن يكون ملمّا بالنظريات الاقتصادية المختلفة ويستطيع أن يميز بينها ليعرف ما يناسب منها متطلبات مجتمعنا وإمكاناته المتاحة حتى لا يجلس ليصفق دون أن يفهم .
2- أن يكون ملمّا بالمعرفة القانونية ليساهم في مناقشة التشريعات التي ستسيّر مختلف أمور الحياة في المرحلة المقبلة .
3- أن يكون ملمّا بالأمور والسياسات المالية العامة حتى يستطيع المشاركة في مناقشة ميزانية الدولة ومراقبة أداء الحكومة .
4- أن يكون ملمّا بالشأن الإجتماعي للوطن والمواطن بما يدفع نحو الإصلاحات الاجتماعية المبتغاة بعد أن انهارت القيم الإجتماعية بشكل مفزع يهدد مستقبل الأمة .
5- أن يكون ملمّا بالشئون السياسية ليستطيع أن يناقش ويحاور حول علاقات مصر الخارجية ، فالمجتمع الدولي الآن تتشابك فيه العلاقات بين الدول وتتقاطع المصالح ، ومطلوب منه أن يقدر ما يصلح لمصر وما يتعارض مع مصالحها .
6- أن يكون ملمّا بشئون الإتفاقات الدولية ليساهم في مناقشة اتفاقيات مصر مع الدول الأخرى سواء منها السياسية أو الإقتصادية .
وحين نفترض أن يكون ملمّا بهذه الأمور التي هي جزء من مهام أخرى كثيرة ، فإن ذلك على وجه العموم ، ولكن من المفترض أن يكون بينهم متخصصون في كل مجال تتوفر لديهم الدراسات والمؤهلات المتخصصة في مجال معين لتتكون منهم اللجان البرلمانية في كل مجال من المجالات ، ومع افتراض أن لا تأتي الانتخابات بهذه التخصصات ضمن اختيارات الناخبين ، فقد أعطت التشريعات صلاحية لوليّ الأمر بتعيين عدد من الأعضاء لتعويض هذا النقص ، وإن كانت هذه الصلاحية قد استخدمت لأغراض سياسية أخرى لإرضاء البعض ، ذلك أننا لم نكن في ظل الدكتاتورية بحاجة إلى متخصصين بناقشون ، حيث كانت للأعضاء مهمة وحيدة هي التصفيق والموافقة . .
هذا جانب بسيط من أهمية المجلس القادم ، وهوعلى بساطته يتطلب منّا اهتماما كبيرا جدا في اختياراتنا ، علينا أن نفكر جيدا قبل اختيارنا لأي شخص أو حزب ونتساءل هل يستطيع هذا الشخص أو الحزب القيام بهذه المهام وغيرها من مهام البرلمان ؟ وأن نضع نصب أعيننا أننا نترك لأبنائنا اليوم إرثا خطيرا قد يسهم في بناء مستقبل مشرق لهم ، أو ندمّرهم وندمر أنفسنا قبل أن نغادر ، ونلقى الله بهذه الكبيرة في حق أنفسنا وأبنائنا وأوطاننا ، ومالم نفعل ذلك ونفكر كثيرا بعيدا عن الأغراض الشخصية وتصورات المنافع الضيقة ، مالم نفعل ذلك فإننا سنأتي بمجموعة من المصفقين والمنافقين مرة أخرى ويستمر مسلسل الإنحدار .. فهل سنكون على مستوى الحدث ؟