أهل القرآن في رمضان

           أهل القرآن في رمضان
********
كنت قد نشرت هذا المقال عام 2011
وتقديرا لفضلهم أعيد نشره
******
في زمننا الجميل كانت لدينا وسيلة تعليمية غاية في الرقي والنبل والسهولة في نفس الوقت ، إنها ما كان يسمى في زماننا " المكتب " وما سمي فيما بعد " الكتّاب " ثم أصبح يسمى الآن " الحضانة " ، وإن كانت الحضانة تختلف كثيرا في مضمونها.
كان على الراغب في التعليم أن يذهب إلى المكتب قبل سن المدرسة ليتعلم بعض القرآن ومبادئ الكتابة والحساب ، وكان يعلم فيه معلم يسمى " العريف " ، وكانت العملية التعليمية تتم فيه بمنتهى الجدية والإخلاص على الرغم من تفاهة المقابل المادي ، فكنا نذهب إلى بيت أحد الشيوخ من حملة القرآن الذين كانوا يسمون أيضا " الفقهاء" تلك الكلمة التي كثيرا ما سخر منها الجهلاء دون أن يدركوا معناها فهي كلمة يوصف بها الذين يفقهون علوم دينهم ويتعلم منهم الذين يريدون أن يتفقهوا في دينهم ، حينما أنظر الآن لهؤلاء الفقهاء كما أطلق عليهم أجدهم كانوا منارات للعلوم الحياتية في زمانهم سواء علوم الدين أو علوم الدنيا ، وما من متعلم في زماننا إلا ومر عليهم ونهل من علمهم الغزير لفترات تفاوتت من شخص إلى آخر .
ولقد حظيت بنعمة من الله أن هيأ لي التعلم على يد هؤلاء الفقهاء لفترة طويلة طالت العشر سنوات أو تزيد ، قضيتها بين حفظ القرآن وتجويده وبين تعلم القراءة والكتابة والحساب والصلاة وغيرها ، وأتاح لي ذلك أن أمر على أغلبهم إن لم يكن عليهم جميعا ، ومازلت وسأبقى أدين لهم جميعا بعد الله بالفضل ، وما زلت وسأبقى أنظر إليهم كمصابيح أضاءت الطريق لنا نحو العلم الحديث .
أذكر من هؤلاء العظماء فضيلة الشيخ الجليل /حجازي أحمد السقا أول معلم لي في حياتي حيث كان جارا لنا ، تعلمت على يديه قصار السور ومبادئ وأصول الكتابة والحساب ، وكان خطاطا أيضا ، وبعد وفاته وكنت قد كبرت قليلا ذهبت لأتعلم على يد فضيلة الشيخ الجليل /محمد علي حسين ، وكان منزله قريبا منا أيضا ، كان الشيخ محمد رحمه الله يدرس القرآن فقط لتأهيل الراغبين في الالتحاق بالأزهر ، لذلك درست مع متعلمين يكبرونني سنا مثل الأخوة محمد موسى زغلي واحمد سليمان السقا ورمضان الحنفي والسيد عبدالعزيز ندا وعبدالعزيز بدر والشيخة فاطمة عوض السعيد وفريد ابو فريد ، ثم انتقلت بعد وفاته لأتعلم على يد الشيخ سلام وكان معلما عبقريا حازما ، ثم الشيخ الجليل الأمباشة ثم لفترة قصيرة لدى الشيخ محمد الشحات والشيخة مبروكة زوجته ، هؤلاء مع غيرهم كانوا يحفظون القرآن ويعلمونه للأجيال المتتالية كان في زمانهم أيضا من حفظة القرآن الشيخ عبدالحميد ابو الوفا والشيخ حامد مريوح والشيخ جمعة السيد العدوي والشيخ محمود العشماوي رحمهم الله جميعا وأثابهم بما بذلوا لتعليم كتاب الله .
لقد عاش هؤلاء الناس في فقر مدقع فلم يكن أحد منهم من الأعيان حتى يذكره أهل الدنيا ، ولكني أحتسبهم عند الله مع الصديقين والأبرار والشهداء ، ينعمون بمكانة لا يحلم بها أغني أغنياء الدنيا ، وحري بنا أن نتذكرهم في شهر القرآن من كل عام بشئ من التكريم ، أعلم أنهم ليسوا في حاجة لشئ من هذا ولكن هذا حقهم علينا فربما دعوة لأحدهم بظهر الغيب تكون شفيعا له ، فلنكثر من الدعاء لهم ولنقرأ جميعا الفاتحة على أرواحهم .
منذ 15‏ ساعة · أعجبني · · إلغاء الاشتراك

   Adel Emam‏ , ثروت ابراهيم السعيد و 2‏ آخرون معجبون بهذا
       Mahmoud Goma'a إطلالةُ جميلة أ.سعيد ... فعلى الرغم من تدريس مادة التربية الدينية فى المراحل المختلفة من الدراسة, فكل حفِظتهُ من القُرءان كان فى الفترة القصيرة فى (كُتاب تحفيظ القرءان)
       9 hours ago · أعجبني
       السعيد ابراهيم السعيد أنا سعيد بإطلالتك أيضا يا باشمهندس لأن القليلون فقط يسعدون بمثل هذه الأمور ، تحياتي وتقديري لفكرك الثاقب
       5 hours ago · أعجبني
       Mahmoud Goma'a متشكر جداً أ.سعيد. حقيقي أنا أستمتع بموضوعات حضرتك ومتابع جيد .. منها نكتسب توجيهات وإرشادات ونبني خِبرات ... ننتظر المزيد
       5 hours ago · أعجبني[/b]