مع الفارق !!!!!!!!!!!!

في المقال المنشور بعنوان " عبد الناصر والسادات وثالثهما الشيطان " حاول الكاتب الريط بين العهود الثلاثة من حيث وجه الشبه في كونها جميعا تعرضت لنكسات وسلوكيات خاطئة متشابهة ، وأنا مع الكاتب فيما قاله لكن الأمانة الإعلامية تقتضي من الكاتب أن يوسع دائرة الرؤية لدى الفارئ لتصل المعلومة بشكل متكامل وقد فاته ذلك ( ولست أدري إن كان ذلك بقصد أو بغير قصد ) في ثلاثة أمور
أولا : أن يلفت النظر أن الفساد والظلم حقيقة واقعة في كل الأزمان وكل العصور حتى في أزمان الخلافة والدليل أن ماذكره كان موجودا وبشكل أكثر بشاعة قبل ثورة 1952

ثانيا : أن شكل الفساد وعمق جذوره يختلف بين عصر وآخر بحسب ما إذا كانت القيادة مشاركة في هذا الفساد ، فلا وجه للمقارنة بين من يقوم بتهريب بعض الأجهزة للبلد وبيعها ليكسب منها بعض المال وبين من يسرق أموال بلد بالكامل وينقلها خارج البلد ، وإن كنت أرى أن كلاهما فسادا مع الفارق ،
ثالثا : من المهم جدا أن نعرف رد فعل كل قيادة على الفساد الحاصل في عهدها فعبدالناصر ألقى بهم في السجن بعد محاكمتهم سواء في نكسة 67 أو في الفساد الداخلي ، كل ذلك طبعا في ظل توازنات الصراع على السلطة ، سواء مع الإخوان أو الشيوعين أو المتضررين من الثورة ، بينما السادات فتح الباب لجند الفساد دون تحفظ لمجرد أن بتمكن من سحب البساط من تحت أقدام معارضيه من الناصريين ولم يفوت هؤلاء الفرصة فراحوا يصفون حساباتهم مع الثورة ويشوهون كل شئ ويستولون على أي شئ ، ثم جاء المبارك فوجد الأبواب قد فتحها السادات على مصراعيها فأغرته بأن يشارك في التربح حتى وصل الأمر إلى ما رأينا الآن
فالثلاثة مختلفون واحد حارب وقاوم الفساد في حدود توازنات السلطة ، والثاني فتح الأبواب للفساد من أجل القضاء على معارضيه ، والثالث شارك في الفساد وألفه ووفر له الحماية فهل يستوون ؟
لكن الثلاثة كغيرهم في كل العصور كانت لهم خطايا بدرجات مختلفة في قمع الحريات ، وإن كان هذا الأمر يؤخذ بحسب ظروف كل عصر وبحسب ما إذا كان ذلك عاما أو محصورا في إطار القوى المتصارعة على السلطة ، كلاهما مرفوض لكن الحكم مختلف

وأمامنا قضية الإخوان المسلمين خير مثال على ذلك فقد حوربوا وعذبوا في عهد الملك بل صدر قرار الحظر ضدهم في عهده ، وحوبوا وعذبوا في عهد عبد الناصر وفي عهد السادات وفي عهد مبارك لكن دوافع وظروف كل فترة كانت مختلفة